بين أنين المطرقة وصوت المنشار، ينساب صوته العذب بإلقاء قصيدة، كأن الخشب يتنفس شعرًا على يديه. هو محمود رمزي خليف، الرجل الذي جمع بين صلابة الحرفة ورهافة الكلمة، فصار نجارًا يصنع الأبواب ويطرق في القلوب قصائد لا تُنسى.
وُلد محمود في أسرة بسيطة بمدينة كفر الدوار بمحافظة البحيرة، لم يتجاوز في تعليمه المرحلة الإعدادية، لكنه رفض أن يكون ذلك حاجزًا بينه وبين طموحه. "ميعرفش المستحيل"، هكذا يصفه كل من يعرفه. لم تمنعه صعوبات الحياة من أن يحلم، ولم تُثنِه قسوة الظروف عن أن يمسك بالقلم كما يمسك بأدوات النجارة، يخط بحبره كما ينحت في الخشب.
في ورشته المتواضعة، حيث تتناثر نشارة الخشب وتتصاعد رائحة الأخشاب الطيبة، يبدع محمود في تحويل الجذوع الصلبة إلى أثاث نابض بالحياة. لكنه لا يتوقف عند هذا الحد، فبينما تعمل يداه، ينطلق لسانه بقصائد عن الحب والكفاح والصبر، فيدهش زبائنه وزملاءه، ويؤكد أن الشعر ليس حكرًا على المثقفين أصحاب الشهادات، بل هو روح تولد حيث يوجد الشغف.
واجه محمود الكثير من التحديات: ضيق الحال، قلة الإمكانات، نظرة المجتمع لمن توقف تعليمه عند الإعدادية. لكنه حوّل كل ذلك إلى دافع للاستمرار. صار صوته رسالة أمل للشباب بأن "الطريق مش مرسوم بالشهادات بس، لكن بالإرادة والإبداع".
الناس يلقبونه بـ "النجار الفصيح"، لأنه جعل من مهنته منبرًا، ومن ورشته مسرحًا صغيرًا للكلمة الجميلة. يجلس بين أدواته، فيخلط بين الإيقاع الموسيقي لآلات النجارة وإيقاع الشعر، فتولد حالة فريدة لا تشبه إلا محمود رمزي خليف.
هو شاعر بالفطرة، ونجار بالمهنة، ومكافح بالحياة.. نموذج لرجل آمن أن الحلم ممكن مهما كان الطريق صعبًا.
ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الطريق ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الطريق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.
انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.