اخبار / مصر اليوم

عن مركز رع للدراسات الاستراتيجية.. صراع الخرائط.. هل ينجح “ممر داوود” بتغيير... الجمعة، 25 يوليو 2025 10:44 مـ

جاءت أحداث “السويداء” الأخيرة والتدخل الإسرائيلي في الأزمة بحجج أمنية وإنسانية كدعم وحماية دروز سوريا لتعيد إلى الواجهة من جديد الحديث عن مشروع “ممر داوود” الذي يقع ضمن المشروع الصهيونيي وحلم “إسرائيل الكبري” بالمنطقة، فالفكرة ليست بجديدة وتُنسب تلك الرؤية إلى مؤسس الصهيونية “تيودور هرتزل”، حيث “الخريطة التوراتية” التي تمتد من نهر النيل إلى نهر الفرات، فدائمًا ما تتدخل إسرائيل بالمنطقة بهدف تحقيق أهداف استراتيجية وتحقيق طموحاتها الجيوسياسية وتوسعها الإقليمي.

وتأسيسًا على ما سبق؛ يلقي التحليل التالي الضوء على مشروع “ممر داوود ” من حيث أبعاده المختلفة وفرص وتحديات تنفيذه بالمنطقة.

مشروع توسعي

يشير مصطلح “ممر داوود” إلى مشروع توسّعي إسرائيلي يتم من خلاله إنشاء شريط جغرافي ضيق يمتد من مرتفعات الجولان السورية المحتلة في أقصى جنوب غرب سوريا عبر المحافظات السورية الجنوبية وهي “القنيطرة” و”درعا”، ثم يتوسع شرقًا عبر السويداء في “جبل حوران” في اتجاه مثلث “التنف” الحدودي مع العراق والأردن وامتداده في شرق الجغرافيا السورية عبر محافظة “ديرالزور” ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية “قسد” شرق نهر الفرات، ثم محاولة ربط هذا الممر بإقليم كردستان العراق عبر الحدود السورية العراقية بهدف ربط إسرائيل بالمناطق في شمال سوريا والعراق.

وتعد استراتيجية “تحالف الأطراف” أو “عقيدة المحيط” أهم دعائم قيام وتحقيق هذا المشروع والتي تُنفذ إما عن طريق بناء علاقات مع قوى غير عربية أو طرفية مثل (إيران وتركيا) أو تشكيل تحالفات مع أقليات عرقية وطائفية مثل (الأكراد والدروز) في الدول العربية المجاورة لاختراق الجغرافيا العربية المحيطة بإسرائيل وتوسيع نفوذها الجيوسياسي بالمنطقة.

خطوات مُمهدة

ظهرت جليًا بوادر عدة اعتبارها بعض المحللين تمهيدًا يكشف عن رغبة إسرائيل فعليًا في البدء بتنفيذ هذا المشروع، كالتدخل الإسرائيلي خاصة بعد سقوط “نظام الأسد” واستغلال الفراغ السياسي والأمني في سوريا فقامت بالتصعيد العسكري والاستيلاءعلى أراضي خارج المنطقة العازلة تحت ذريعة دعم الدروز وحمايتهم في سوريا بحجج إنسانية وأمنية تحمل أهدافًا استراتيجية من خلال تمرير المشروع عبر مناطق سيطرة الأكراد والدروز، فقام جيش الاحتلال بتنفيذ عدد كبير من الغارات الجوية نتج عنها تدمير سلاح الجو السوري من طائرات مقاتلة ومروحيات هجومية وطائرات مُسيّرة وحظائر الطائرات والرادارات ومنصات ومخازن صواريخ الدفاع الجوي بكل أنواعها، كذلك تدمير سفن الأسطول البحري وبالتالي تجريد سوريا من جيشها وسلاحها وتدميره بالكامل تقريبًا، ما يخدم تنفيذ المشروع بسرعة ودون عوائق.

بالإضافة إلى استغلال الاشتباكات والأحداث العرقية والطائفية من أجل تغذية الانقسام الداخلي وإنشاء مناطق حكم ذاتي تعمل على تقسيم وحدة الأراضي السورية وضعف السلطة المركزية بها ما يسهل السيطرة الإسرائيلية وتحقيق النفوذ على مناطق وموارد محددة.

ففي سبتمبر 2024 وقف “نتنياهو” أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة وعرض خريطتين إحداهما خريطة خضراء لما أسماها بـ”الخريطة المباركة”، وقد وصفها بأنها خريطة تربط الشرق الأوسط بأوروبا، وخريطة أخرى باللون الأسود وأسماها بـ”الخريطة الملعونة” والتي ضمَّت إيران والعراق وسوريا ولبنان وأجزاءً من اليمن، وبالتالي رأى محللون أن “الخريطة الخضراء” تضم تنفيذ مشروع “ممر داود” في الجنوب السوري .

أهداف استراتيجية

ويهدف تنفيذ مشروع “ممر داوود” إلى تحقيق جملة من الأهداف والمصالح الاستراتيجية الإسرائيلية بالمنطقة والتي يمكن توضيحها على النحو التالي:

(&) تعزيزالهيمنة والنفوذ الإسرائيلي بالمنطقة والسعي قدمًا نحو تحقيق حلم “إسرائيل الكبري” بمساعدة أمريكية، فبالتبعية سيوسع هذا المشروع من النفوذ الأمريكي في المنطقة أيضًا، إذ يشير اتصال الممر بمنطقة “التنف” حيث تتواجد قاعدة أمريكية إلى أن هناك توافقًا استراتيجيًا بين الجانبين الإسرائيلي والأمريكي على ضرورة تنفيذ هذا المشروع لخدمة مصالحهما المشتركة بالمنطقة، وعليه يمكن اعتباره “مشروعًا أمريكيًا – إسرائيليًا” بالمنطقة.

(&) ضم أراضٍ جديدة: إن النفاذ إلى مناطق شرق نهر الفرات ودير الزور والمناطق التي تسيطر عليها حاليًا قوات سوريا الديمقراطية “قسد” ستوفر الوصول إلى موارد المياه (نهرالفرات) واحتياطيات النفط والغاز هناك.

(&) جعل إسرائيل مركز اقتصادي إقليمي: عن طريق تعزيز الممر الاقتصادي المنافس لطريق الحرير الصيني بالشرق الأوسط وبالتالي يحظى بدعم الولايات المتحدة والقوى الغربية.

(&) السعي نحو إضعاف نفوذ إيران في المنطقة: من خلال قطع الطريق البري الذي يصل إيران بالشرق الأوسط وبالتالي قطع الطريق بين إيران وأذرعها في لبنان وسوريا والعراق، وكذلك توفير فرصة لمراقبة التحركات الإيرانية ومن ثم تقويض النفوذ الإيراني بالمنطقة.

فرص وتحديات

اختلف المحللون حول مدى إمكانية تنفيذ مشروع “ممر داوود” ومدى واقعيته إلى وجهتي نظر على النحو التالي:

(*) الفريق الأول: يرى أن فرص تنفيذ هذا المشروع تزداد خاصة في ظل الظروف الإقليمية الحالية والتي تُمكن وتُسهل من تنفيذ هذا المشروع، من خلال العوامل التالية:

القدرة على كسب ولاء الزعامات الدرزية السورية عن طريق الدعم الإسرائيلي للدروز وبالتالي محاولة استمالة بعض الفصائل في “السويداء” لا سيما المقربة من الشيخ “حكمت الهجري”، بالإضافة إلى قوات سوريا الديمقراطية “قسد” في مناطق سيطرتها، ما يسهل تمرير المشروع عبر تلك المناطق الدرزية والكردية.

اهتزاز صورة إيران بعد الضربات المتتالية التي تعرضت لها منذ بدء حرب غزة والتي أدت إلي كبح جماح أذرعها بالمنطقة خاصة بعد سقوط نظام “الأسد” بسوريا وما تعرض له “حزب الله ” في لبنان من خسائر، فضلًا عن الحرب الإسرائيلية – الإيرانية الأخيرة والتدخل الأمريكي بها.

تنامي التنافس التركي الإسرائيلي الذي يسيطر على المشهد السياسي في المنطقة، حيث تسعى إسرائيل إلى التخويف من “العثمنة” أو ما تسميها طموحات “أردوغان الإمبراطورية” وبالتالي قد تسعى إسرائيل إلى إعادة بناء التوازنات من جديد في المنطقة بعد سقوط نظام “الأسد” حيث باتت المنطقة تتهيأ لرسم خرائط نفوذ جديدة.

(*) الفريق الثاني: يرى محللون أن هناك جملة من التحديات والعوائق التي من شأنها جعل هذا المشروع غير واقعي وأنه مجرد ورقة ضغط سياسية، ويرجع ذلك للعوامل التالية:

أن تنفيذ الممر يعني السيطرة على جغرافيا ضخمة لا يوجد أي قوة محلية قادرة على بسط السيطرة عليها وتأمينها.

هناك عوائق كبيرة يفرضها الإقليم متمثلة في المعارضة الأردنية والعراقية، حيث إن البلدين يهمهما تأمين الحدود مع سوريا وليس خلق أزمة جديدة بسبب هذا الممر، كذلك معارضة الجانب التركي، فالممر سوف يصل إلى” قسد” التي تعتبرها تركيا غريمًا أساسيًا، وكذلك الولايات المتحدة التي تملك حسابات كثيرة معقدة سوف تأخذها بعين الاعتبار قبل دعم هذه الخطوة.

يتطلب تنفيذ “ممر داود” تخصيص مليارات الدولارات من الموارد المالية والاقتصادية ولا يمكن حاليًا توفير مثل هذه المبالغ بسبب المشاكل الاقتصادية الحادة التي تواجهها إسرائيل بسبب الحرب على غزة، كما أن هناك غموضًا فيما يتعلق بالدعم المالي والاقتصادي الأمريكي لتنفيذ مثل هذا المخطط، خاصة وأن توجهات “ترامب” الحالية تتجه نحو محاولة تصفية القضايا العالقة بالمنطقة والسعي نحو إتمام صفقة “اتفاقيات إبراهيم” مع بعض الدول العربية وليس التوجه نحو دعم مخطط قد يؤدي إلى خلق المزيد من الأزمات داخل المنطقة.

يتطلب إنشاء مثل هذا الممر الذي يبلغ طوله مئات الكيلومترات إقامة قواعد عسكرية ونشر قوات مع دعم جوي ودفاعي لضمان أمن الطريق والسيطرة عليه، ولكن في الوضع الحالي ومع النقص الذي يواجهه جيش الاحتلال في المعدات بسبب حرب غزة، فمن المستحيل عمليًا تخصيص قوات وبنى تحتية عسكرية لهذه المهمة، وإذا أمكن فالأمر سيكون صعبًا للغاية.

يشكل هذا الممر تحديًا لنفوذ روسيا في سوريا الجديدة، فقد أكدت موسكو مرارًا على أنه حتى في مرحلة ما بعد “الأسد” لا ينبغي انتهاك وحدة سوريا وسلامة أراضيها.

وختامًا؛ نجد أن مشروع “ممر داوود” هو الحلم الكبير الذي تنتظر إسرائيل تحقيقه بالمنطقة، فهو مخطط إسرائيلي أمريكي من شأنه تعزيز نفوذهما بالمنطقة وتحقيق مكاسب جيوسياسية جميعها تخدم حلم “إسرائيل الكبرى”، وعلى الرغم من تزايد الحديث عن تنفيذ هذا المشروع خاصة في ظل الظروف الإقليمية الحالية، إلا أنه وفي المقابل يواجه هذا المخطط بعضًا من التحديات والعوائق التي من شأنها عرقلة تنفيذه على الأقل في الوقت الحالي، وفي ظل التوازنات الإقليمية الحالية بالمنطقة، ولكنه سيظل حلمًا صهيونيًا لا يمكن التنازل عنه وستسعى إسرائيل لتحقيقه في أي وقت مهما كانت العوائق.

ملحوظة: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة الطريق ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من الطريق ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

انتبه: مضمون هذا الخبر تم كتابته بواسطة مصر اليوم ولا يعبر عن وجهة نظر مصر اليوم وانما تم نقله بمحتواه كما هو من مصر اليوم ونحن غير مسئولين عن محتوى الخبر والعهدة علي المصدر السابق ذكرة.

قد تقرأ أيضا