تؤكد الإمارات موقفها الثابت من الحرب الأهلية السودانية التي اندلعت في أبريل 2023 وتدين بشدة الانتهاكات وتدعو إلى وقف فوري للقتال ودفع حل سياسي تقوده قوى مدنية. وتؤكد عبر بيانات رسمية صدرت منذ مايو 2023 وحتى أكتوبر 2025 ضرورة حماية المدنيين، ووقف استهداف الأحياء السكنية، ودعوة المجتمع الدولي لتحمّل مسؤولياته تجاه الجرائم والانتهاكات اليومية في السودان. وفي 9 يونيو 2024 أدانت الهجمات المشينة ضد المدنيين في مدينة الفاشر، ووصفتها بأنها تصعيد خطير وانتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني، وطالبت بفتح ممرات إنسانية وتأمين حماية عاجلة للمدنيين، كما دانت في بيان نشرته وزارة الخارجية في 14 فبراير 2025 التقارير الأممية عن استخدام أسلحة كيميائية في غرب دارفور، معتبرة أن استخدام هذه الأسلحة ضد المدنيين جريمة حرب لا يمكن التغاضي عنها. وأكدت الإمارات أن القصف العشوائي والإعدامات الميدانية والعنف الجنسي ومنع المساعدات الإنسانية وقطع الإمدادات عن السكان هي ممارسات يجب أن تتوقف فوراً، مع ضرورة محاسبة مرتكبها. وترى الإمارات أن جميع الأطراف المنخرطة في النزاع تتحمل مسؤولية مشتركة عن الفظائع المرتكبة منذ بدء الصراع، وأن استمرار العمليات العسكرية سيؤدي فقط إلى إطالة أمد المعاناة وتعميق الأزمة الإنسانية، وهو الموقف الذي أعيد التأكيد عليه خلال مداخلة رسمية في مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 3 مارس 2025، حيث دعت إلى وضع حد للانتهاكات بحق النساء والأطفال، وإلى ضمان حماية شاملة للمدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني. الدفع نحو حل سياسي شامل تقوده قوى مدنية وتتمسك الإمارات بموقفها حيال الحرب في السودان، والذي يرى أن المسار السياسي هو الطريق الوحيد لإنهاء الأزمة، فشاركـت في «جدة» في مايو 2023، مروراً بجلسات «المنامة» في يونيو 2024، وجنيف في أكتوبر 2024، وواشنطن في يوليو 2025، داعية إلى حل سياسي شامل يضع مصلحة الشعب السوداني فوق مصالح الأطراف المتحاربة، مؤكدة ضرورة إطلاق عملية انتقالية يقودها مدنيون مستقلون، بعيداً عن القوى المسلحة والمتطرفة، بهدف تشكيل حكومة مدنية خلال 9 أشهر تملك الشرعية والقدرة على استعادة مؤسسات الدولة والحفاظ على استقرار البلاد. ورحبـت الإمارات في 12 سبتمبر 2025 بالبيان الصادر عن «الرباعية» (الإمارات، والسعودية، والولايات المتحدة، ومصر)، واعتبرته اختراقاً مهماً في مسار الأزمة ونقطة تحول نحو إعادة إطلاق العملية السياسية، معلنة دعمها للبيان في إطار التزامها بتخفيف معاناة السودانيين ووقف التصعيد، والتعاون مع المجتمع الدولي لإعادة المسار السياسي إلى مساره الصحيح. كما شددت الإمارات على ضرورة تحقيق هدنة إنسانية لمدة 3 أشهر، وهي مبادرة أعلنت عنها في 5 أبريل 2025، بهدف فتح ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية في ظل تقارير أممية أشارت إلى حاجة 25 مليون شخص داخل السودان إلى مساعدات عاجلة، بينهم أكثر من 4.5 مليون نازح منذ بداية الحرب، معتبرة أن هذه الهدنة يجب أن تمهّد لوقف دائم لإطلاق النار بما يتيح إطلاق عملية سياسية شاملة وشفافة. دعم إنساني طويل الأمد وتعاون دولي وتجاوز الدعم الإماراتي حدود البيانات الدبلوماسية ليشمل وقوفاً مباشراً إلى جانب الشعب السوداني عبر مساعدات إنسانية وتنموية ضخمة، إذ قدمت الدولة خلال الفترة من 2014 إلى 2025 ما يقارب 3.9 مليار دولار من المساعدات. وأرسلت الإمارات خلال الفترة من مايو 2023 حتى ديسمبر 2024 أكثر من 122 طائرة شحن إلى بورتسودان ودارفور محملة بإجمالي 8300 طن من المواد الغذائية والطبية ومستلزمات الإيواء. وأولت الإمارات أهمية كبرى للجانب الصحي في دعم الأشقاء السودانيين، إذ شيّدت مستشفييْن ميدانييْن في مدينتي أمدجراس وأبشي في تشاد لتوفير الخدمات الطبية للاجئين السودانيين في دول الجوار، كما افتتحت مستشفى في منطقة مادول في ولاية بحر الغزال في جنوب السودان، فضلاً عن تقديم الدعم إلى ما يزيد على 127 منشأة صحية في 14 ولاية. وقدمت الإمارات مساعدات مباشرة لما يزيد على 650 ألف شخص داخل السودان، بما في ذلك توفير مولدات كهرباء للمستشفيات المتضررة، وإعادة تأهيل عدد من مراكز المياه، وتوفير إمدادات غذائية لنحو 180 ألف أسرة، وفي نوفمبر 2024 أطلقت الدولة حملة طارئة لتوفير 100 ألف سلة غذائية لسكان ولايتي الجزيرة وكسلا، ضمن جسر جوي شمل 14 رحلة خلال أسبوع واحد. وأكدت الإمارات مراراً أن دعمها للشعب السوداني ليس مرتبطاً بظروف النزاع فقط، بل يأتي ضمن التزام إنساني طويل الأمد تجاه السودان، وشاركت الدولة في جهود إعادة الإعمار والمشاريع التنموية قبل اندلاع الحرب، بما في ذلك دعم برامج التعليم والصحة والبنية التحتية بين 2016 و2022. وفي مواجهة حملات التضليل الإعلامي التي رافقت النزاع السوداني منذ منتصف 2024، أعربت الإمارات عن قلقها من محاولات تشويه الحقائق وصرف الانتباه عن الجهود الإنسانية والدبلوماسية، وأكدت في بيان رسمي صادر بتاريخ 7 سبتمبر 2025 أن التضليل الإعلامي يُطيل أمد الحرب ويزيد معاناة المدنيين، داعية إلى مواجهة خطاب الكراهية والدعاية المضللة، ودعم الإعلام المسؤول الذي ينقل الحقائق ويسهم في تعزيز مسار السلام. وحذرت الإمارات من خطر تنامي الجماعات المتطرفة والإرهابية داخل السودان، مشيرة في اجتماع أمني دولي في يوليو 2025 إلى أن انتشار هذه الجماعات يشكل تهديداً مباشراً لاستقرار المنطقة، ودعت إلى تعاون دولي لمحاصرة منابع الإرهاب ومنع تمدده. وتجسد هذه المواقف رؤية إماراتية واضحة تقوم على دعم الشعب السوداني، ورفض الحرب، وحماية المدنيين، والدفع نحو حلول سياسية مستدامة، كما تؤكد مواصلة العمل مع المجتمع الدولي لضمان وقف إطلاق النار، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية، وتعزيز المسار الانتقالي بقيادة مدنية، بما يساعد السودان على تجاوز واحدة من أعمق أزماته في تاريخه الحديث.